الأحد، 10 مايو 2020

مرض المنشآت الصغيرة


مرض المنشآت الصغيرة
    اتجهت الحكومات مؤخراً إلى تعزيز دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص والعمل على تقوية ركائزها وتعميقها في صلابة ارضية الاقتصاد الوطني. بل إن المؤشرات العالمية لقياس اداء تلك المشروعات أو المنشآت أصبحت ذات أثر بارز في تقييم اقتصادات الدول والحكم بمتانته واستقراره أو هشاشته وضعفه. إن المنشآت الصغيرة في معظم الدول تجمع ما يتجاوز نصف المنشآت العاملة في القطاع الخاص على أقل تقدير فتضم نسبة كبيرة من العاملين في ذلك القطاع. وقد ركزت الهيئات الدولية والاقليمية على الدراسات الاقتصادية التي تحسن من مستوى انتاجية تلك المنشآت الصغيرة وترفع من مستواها التنافسي ومن مساهمتها في الناتج المحلي. فوضعت الضوابط التي تساعدها على تنميتها وتمويلها وحمايتها من السوق المفتوح, الذي تسيطر عليه قوى المنشآت الكبيرة فتبسط نفوذها على الضعيف مما يفقده منشأته الصغيرة فيصبح عاطلاً وعالة على المجتمع العام.
     إن المنشآت الصغيرة في المملكة العربية السعودية حظيت بالرعاية الحانية من الحكومة الرشيدة, فصدرت القرارات الكريمة بتشكيل الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) عقب انطلاقة الرؤية السعودية ضمن التغييرات التطويرية للهياكل التنظيمية في القطاعات الحكومية. وبما يتوافق مع أهداف واستراتيجيات رؤيتنا الطموحة. وقد حدد الغرض من تأسيس (منشآت) في تنظيم وتنمية ودعم ورعاية هذا القطاع الاستراتيجي لاقتصادنا ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي كما هو مخطط له من 20% إلى 35% بحلول عام 2030م. وصنفت الكيانات ضمن هيئة (منشآت) إلى ثلاثة أشكال منها, منشآت متناهية الصغر وهي ما كانت تضم خمسة أشخاص فأقل وإيرادها أقل من ثلاثة ملايين ريال, ومنشآت صغيرة وهي ما كانت تضم أقل من تسعة وأربعين شخصاً وإيرادها أقل من أربعين مليوناُ ريال, ومنشآت متوسطة وهي ما كانت تضم أقل من مائتين وتسعة وأربعين شخاصاً وإيرادها أقل من مائتي مليون ريال. ودور منشآت الريادي بارز لا يحجبه حاجب تتقدم بخطى ثابتة إلى كل مستقبل مشرق.
    نركز هنا في حديثنا على الشكلين الأولين منهما وهما المنشآت المتناهية الصغر والصغيرة فقط, والتي وجهت لها الحكومة -كما وجه لغيرهما- حزمة من قرارات الدعم المالي والنقدي التحفيزي لتحافظ على استقرارها في السوق المحلي في مواجهة التقلبات الاقتصادية التي اجتاحت السوق العالمي جراء جائحة كورونا وما لحق بها من اجراءات احترازية. ومن قراءات التقارير الاحصائية -ليست دقيقة جداً- قد تتجاوز أعداد العاملين نظامياً بتلك المنشآت الصغيرة ببلادنا ثلاثة ملايين ونصف المليون من مختلفي الجنسيات تقريباً, وقد يمثل المواطنون منهم ما يصل إلى ستمائة ألف موظفاً بنسبة تقارب ثلث العاملين السعوديين. وهذا رقم كبير يشكل عبئاً على الاقتصاد المحلي ويتطلب التدخل لتصحيح وضعه قبل التعثر.  
  إن المتواجد بسوقنا في أوقات الرخاء يسمع كل جميل عنه ويشاهد كل حميد فيه, حتى لا يتبادر لذهنه أنه ذلك السوق الذي يسقط قبل أول ثانية في حلبة ملاكمة مع نسائم أزمة وليس أعاصير وكوارث وجوائح. لقد ترنح الكثير من المنشآت الصغيرة في سوقنا المحلي منذ سماع الجائحة حتى وإن لم تمسها بسوء. ولقد بادرت وسابقت الحكومة الرشيدة مشكورة مع ظهور جائحة كورونا بإعلاناتها المتوالية عن دعمها المالي والنقدي, والتي وجهته للمؤسسات المالية والتمويلية لكي لا تمس شيء من حقوقها المستحقة للسداد على تلك المنشآت الصغيرة. دفعت الحكومة المليارات لشركات الوساطة المالية والمصرفية وشركات شبكات المدفوعات وألغت الرسوم المصرفية على العمليات البنكية لخدمة مدفوعات المنشآت الصغيرة. كما أعفت عن الرسوم المقررة كمقابل مالي عن الوافدين بتلك المنشآت الصغيرة وحتى أربعة وافدين. قدمت باقات من الاعفاءات والتجاوزات من قبل الهيئة العامة للزكاة والدخل. أجلت مبالغ سدادات اشتراكات السجل التجاري المنتهية خلال الأزمة ولعدة أشهر. وغير ذلك من الدعم الذي أعلن عن طريق برامج هدف أيضاً للباحثين عن العمل وعن فاقدي عملهم من المواطنين.
    لقد شهد اليوم الأول من شهر مايو الحالي ما أعلنت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عن ضخ مليار ومائتي مليون ريال كدفعة الدعم الأولى من تعويض ساند لشهر ابريل في حسابات ما يزيد عن أربعمائة ألف مشترك سعودي من ثمانون ألف منشأة, ويمثلون ما يزيد عن 23% من العدد الكلي للمشتركين السعوديين بالقطاع الخاص بالتأمينات الاجتماعية. مما يعطينا نتيجة أن العدد الكلي للمشتركين السعوديين يزيد عن مليون وسبعمائة ألف مشترك, وأن متوسط كل منشأة دعمت يمثل خمسة موظفين سعوديين. من هنا نلحظ أن الدعم الحكومي وجه معظمه إلى المنشآت الصغيرة والتي يتكرر منها التذبذب والسقوط مع كل صدمة, وجائحة كورونا لا زالت قائمة ولا نعلم متى سيستقر السوق العالمي؟ وهل هذه ستكون آخر أزمة لسوق المنشآت الصغيرة؟.
    مما سبق عرضه يظهر أننا أمام سوق لم يحكمه تنظيم واضح أو قيم وأخلاق مهنية موحدة, وقد لا تحضر المهنية والشفافية والثقة بين ملاك المنشأة والعاملين فيها, سوق قائم على الربح السريع والخوف الدائم والهروب من الخلف, فلا تجد مالك المنشأة يرتقي بالموظف أو بالعامل معه في تدريبه وتقدير ذاته وتطويره للعمل بالسوق, وفي الجهة الأخرى لا تجد ذاك الموظف المتوقد التزاماً والممتلئ ولاءً لمنشأته المحب لمهنته والحريص عليها. إننا أمام غياب غريب للمنشأة الصغيرة , لا نقول إننا أمام كيانات وهمية بل هلامية... فليس لعدد من تلك المنشآت الصغيرة مكاتب معروف أو مقرات موثوق. منها منشآت انحصرت في ورقة سجل في حقيبة معقب, أو مع وكيل عن سيدة, أو في دفتر عقود وختم في جيب وافد, يختزل دورهم في التوطين الوهمي, والمتاجرة بالتأشيرات, وتحصيل المبالغ الشهرية من الوافدين, يلاحقون كل فرجة في النظام, وغيرها من مخالفات تمس الأمن الوطني معروفة ومثبتة لدى جهات الضبط والتفتيش بمكاتب العمل وفروع التجارة بشكل يومي. فلن يصلح الدعم الحكومي لبعض تلك المنشآت في كل أزمة ما أفسدته السنين في ذلك السوق حتى أصبحت ثقافة عامة عند جيل من أبنائنا, المنشأة الصغيرة عمل من لا عمل له.
  خبرة مستشار  
       أيها المخلص الحريص على أن تشارك في غرس أساسٍ ثابتٍ لهذا القطاع العريض والمفصل المتين في عجلة التنمية. إن الدور القادم مناط بالإتقان والتجويد في العمل التطويري والتنظيمي والتنسيقي لكي ننهض بالمنشآت الصغيرة التي قد تصل إلى ثلثي منشآت القطاع الخاص بالسوق السعودي. واطرح آراءً علها تجد أذن صاغية وفق ما يلي:
·        اعتماد تصنيف تفصيلي لكل الأنشطة في منشآت مع ضرورة توحيدها وربطها بين كافة القطاع الحكومية والمؤسسات والهيئات العامة والخاصة حتى يسهل التبويب لبياناتها, وعمل الاحصاءات عليها , وتسهل دراستها وقياسها وادارتها, ويتاح تقييمها وتوجيهها وفق نتائجها الواقعية, وتساعد الحكومة على إدارتها والسيطرة عليها وقت الأزمات.
·        زيادة الدور التكاملي بين الجهات الاستشارية والاحصائية ومنشآت حول عرض الأرقام الحقيقية المحدثة وبشكل دوري لمختلف تصنيفات المنشآت, وفتح المجال التطوعي لدراستها والرفع بما يعزز من تحسين الدور المأمول منها لتحقق أهداف الرؤية 2030منها, ويرفع من مساهمتها في الناتج المحلي.
·        اعادة تصحيح ملكية المنشآت الصغيرة ذات الأنشطة المهنية والفنية وعدم تأسيسها إلا لمواطن/ة حاصل على شهادة فنية أو مهنية معتمدة ومتفرغ للعمل بها ومسجل على سجلها بالتأمينات الاجتماعية, كما يمنع استغلال اسماء أفراد الأسرة أو العائلة الذين لا يمارسون ادارة المنشأة فعلياً كالأب والأم أو الزوجة والبنت, ومنع قبول الوكالات الشرعية لمثل تلك الأنشطة حتى نحد من التستر والاستعمال والاستغلال غير المشروع, ولا يبقى في السوق إلا المنشآت الحقيقية.
·        منع افتتاح أكثر من نشاط لمنشأة صغيرة لمالك واحد إلا بمدير مستقل ومتفرغ للعمل على ادارة ذلك النشاط ومسجل على سجلها بالتأمينات الاجتماعية. مع حصر امكانية فتح الفروع على المنشآت المتوسطة أو الكبيرة قادرة على التغلب على الأزمات.
·        الرفع من مستوى الثقافة التنظيمية في المنشآت الصغيرة لمواجهة الأزمات التي قد تنشأ في أي سوق وفي أي زمان, ورسم أطر لها لتكون داعمة للرؤية الوطنية ومعززة للأمن الوطني ومحفزة على التوطين, مع الزام ملاك وموظفي تلك المنشآت الصغيرة بحضور ندوات وبرامج تثقيفية وتدريبية واستشارية تنشيطية وبشكل دوري لدى مراكز خبرة معتمدة لدى منشآت لتحقيق تلك الثقافة التنظيمية المستدامة بين منشآت ذلك السوق الاستراتيجي.
·        تجهيز قوائم المتميزين على صفحة منشآت المفتوحة يعرض فيها من حقق أهدافه من تلك المنشآت الصغيرة, ليعطى الأولوية في اقتناص فرص استقطاب الباحثين عن عمل أو جهات الدعم والتمويل والتوسع والاستثمار, ومثلها قوائم للمخفقين المقصرين لكي يصحح وضعه أو يخرج من السوق.
 أدام الله علينا أمنه ورخاءه, وزادنا وإياكم توفيقاً وسداداً.....

د/ عبدالسلام شايع القحطاني
 مستشار اداري – مستشار أمني
مدرب معتمد (اداري/ مالي/ اجتماعي/ تطوير ذات)
 @abdalsalam_sh  

التوطين الوهمي

التوطين الوهمي
   إن من أعق عقوق الفرد بأسرته أن ينهب قوتها ويسرق مدخرها. مثله مثل تاجر التوطين الوهمي الذي يمتص خيارات الوطن والمواطن ولا يساهم في مصلحته. فالتوطين الوهمي داء عضال أصاب اقتصادنا الوطني في أنسجته وأضر به. وقد قامت الجهات الرسمية من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وغيرها بالتحذير من ذلك المرض الاداري. فمنذ سنوات مضت باشرت بالتوعية الاعلامية ثم أعقبتها بالتوعية الميدانية ثم تلتها بالتفتيش التحذيري ثم عقبتها بالضبط والتفتيش والقبض والتحقيق, وختمت بالمحاكمة واعلان الغرامة والتشهير. ولكن كل ذلك لم يستأصل ذلك الورم, بل لا زال ينخر في جسم الاقتصاد المحلي ويهدر من ايراده.
   إن مرتكب التوطين الوهمي أو الممارس له يعد في نظر القانون مجرم في حق الوطن, وأثره السلبي يتعدى إلى كل مواطن. والأنظمة التي تؤطر وتحكم ذلك الشأن يشترك في تنفيذها جهات رسمية عدة أو بعض اللجان الفرعية التي قد تتجاذب المواضيع من زوايا مختلفة لاختلاف مرجعياتهم الادارية, فيأخذ الأمر وقتاً يطول ما بين اكتشاف الحالة وإعلان عقوبتها. إن صور ضرر التوطين الوهمي متعددة, ولعل ما نركز عليه منها هو الغش والتدليس على المراكز الاحصائية والتضليل على بيانات الجهات الرسمية التي تصدرها بالأرقام المحدثة. فالكل يشاهد ما يعلن من الهيئة العامة للإحصاء من ارقام عن القوى العاملة والمشتغلة والعاطلة, ويتابع ما تعلنه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من أرقام موظفين وعاطلين, ويطلع على ما تعلنه المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من أعداد مشتغلين ومدرجين على قوائم ساند, ويقرأ ما يعلنه صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) من أرقام المستفيدين من الدعم للباحثين عن فرص العمل. ويلاحظ بينهم تفاوت في تلك الأرقام تجعلك تتساءل.. لماذا لم نجد رقماً مرجعياً واحداً متطابقاً؟.
   سنشرح لكم عن التوطين الوهمي الذي تفرد به سوقنا المحلي, فهو قيام مالك منشأة بتسجيل مواطن/ة لديه على الورق مع التزامه باستكمال كل ما تطلبه الجهات الرسمية صورياً, فيسجل له عقد عمل مكتمل, ويخصص له راتب كحد أدنى ثلاثة آلاف ريال, ويعتمد له حساب بنكي جديد خاص بتحويل راتبه الشهري فقط, وبطاقة السحب البنكي لذلك الحساب تبقى لدى مالك المنشأة أو الوافد الذي يدير العملية في محاسبة المنشأة, ويسجل المواطن/ة في نظام حماية الأجور, ويدرجه في سجل المنشأة بالتأمينات الاجتماعية ويسدد اشتراكه الشهري. إلى هنا كل العمل نظامياً على الورق فقط. المشكلة تكمن في أن الموظف لم يعين ليعمل, ولن يكلف بأي عمل بالمنشأة قط, بل قد لا يعرف أين مقر تلك المنشأة التي سجل ضمن موظفيها وكل الاجراءات كانت بينهم عبر التراسل. علاقتهما الوظيفية تنحصر في الراتب في هيئة نمطين: النمط الأول أن يحول قيمة راتب الموظف الوهمي كاملاً نهاية كل شهر وفق نظام حماية الأجور,  ثم يقوم المالك أو الوافد الذي يعمل بالمحاسبة بسحب كامل المبلغ من حساب ذلك الموظف الوهمي ببطاقته البنكية التي بحوزة الوافد, ثم يعيد تحويل خمسمائة ريال فقط أو بحسب ما اتفقا عليه على حساب آخر للموظف الوهمي. والنمط الثاني أن يحول للموظف الوهمي مباشرة على حسابه الخاص مبلغاً متفقاٌ عليه كخمسمائة ريال أو أقل, وفي الكشوفات المالية بالمنشأة يثبت عليه غياب أيام عمل أو سلفاً ماليةً مستقطعةً أو عهداً مفقودةً حتى يوازن بين الراتب الاجمالي والراتب المصروف للموظف. لتنتهي دائرة العمل الادارية والمالية الشهرية مع ذلك الموظف وفي كل السجلات تجدها مثبته ونظامية وهي بالحقيقة وهمية.
   قياساً على ما سبق هناك عدة تساؤلات... كم سيكون حجم الرواتب التي ترفع ضمن حماية الأجور وتعلنه وزارة الموارد البشرية وهو غير صحيح؟ كم من القوة النقدية التي تتوقع مؤسسة النقد العربي السعودي أنها ضخت في السوق وهي غير صحيحة؟ كم من الدعم الحكومي ستصرفه وزارة المالية وقت الأزمات تناسباُ مع هذه البيانات وهي غير صحيحة؟ كم متوسط الرواتب الشهرية التي ستعلنها التأمينات الاجتماعية للمشتركين السعوديين بحسب اشتراكاتهم وهي غير صحيحه؟ كم موظفاً وهمياً حرم نفسه من دعم هدف ومن دعم صندوق المواطن لتسجيله لراتبٍ وهمي غير صحيح؟  
خبرة مستشار:
  إلى الجهة المسئولة عن محاربة تلك الجائحة التي أضرت باقتصادنا. طالما هناك ربط بين استصدار التأشيرات لاستقدام العمالة من الخارج مع الالتزام بتسجيل موظفين وطنيين فلن ننتهي من التوطين الوهمي وفق الواقع. واعلموا أن كل حزمة تقدم دعماً لزيادة التأشيرات فهناك عشرون لصاً مختلساً اسرع اقتناصاً لها من تاجر نظامي واحد مستحق!!. أنوه بأن هناك منصة قوى مع هدفها السامي إلا أنها فتحت باباً كبيراً من المرونة نفذ منه كل متلصص على التوطين. وأقدم آراءً لعلها تجد أذناً صاغية:
·        فك الارتباط بين استقدام العمالة والتوطين والتوجه لأفكار أخرى كتفعيل توصيف الوظائف المعلن عنها للتوطين ومواصفات المطلوب لشغلها, أو كتفعيل حجب وظائف محددة للتوطين, أو كتفعيل ربط ارتفاع مستوى المؤهلات العلمية والمهنية للموظفين الوطنيين بالمنشأة وسنوات الخبرة والبقاء في المنشأة...
·        حصر التوظيف للمواطنين من قوائم الباحثين عن العمل والمؤهلين من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) وعدم قبول توظيف المنشآت لموظفين سعوديين من خارجها إلا من ينقل خدماته من منشآت سابقة.
·        وضع قيم مالية توازي راتب موظف التوطين كأربعة آلاف ريالاً شهرياً مقابل تحقيق نسب التوطين وضخها في صناديق دعم وتدريب التوطين كصندوق هدف مثلاُ, والغاء الزامية المنشآت بتوظيف سعودي.
·        تفعيل دور الشركات الأمنية الخاصة المعنية بالتحري وجمع المعلومات عن التوطين الوهمي, وعمل عقود استثمارية معهم لملاحقة تجار التوطين الوهمي, وتحصيل مستحقات عقودهم من الغرامات التي تقع على تجار التوطين الوهمي كعقوبات, وبذلك تخف الأعباء المناطة بتلك الجهات الحكومية وبلجان التفتيش وتزيد نسبة الانتاجية والاداء المتقن.
أدام الله علينا أمنه ورخاءه, وزادنا وإياكم توفيقاً وسداداً.....

د/ عبدالسلام شايع القحطاني
 مستشار اداري – مستشار أمني
مدرب معتمد (اداري/ مالي/ اجتماعي/ تطوير ذات)
 @abdalsalam_sh   

مقال بعنوان ماذا استفدنا من البقاء في المنزل


ماذا استفدنا من البقاء في المنزل؟
   الكل منا يتابع عن كثب ما يدور في العالم من شرقه إلى غربه حول هذه الجائحة. هذه الأزمة التي ولدت في شرق الأرض وكبرت في غربها. أزمة لم تترك دولة ظاهرة على الخريطة السياسية إلا أصابتها. منذ إعلان منظمة الصحة العالمية منتصف يناير المنصرم عن ظهور مرض كورونا في الصين بدأت الأخبار تتواتر حول ذلك المرض, وأعراضه وأسبابه, ورقعة اتساعه, وأضراره. وفي الحادي عشر من مارس الماضي أعلنت منظمة الصحة العالمية وصف مرض فيروس كورونا بالجائحة. بعدها غدت كل القنوات تذيع بالأرقام المحدثة للمصابين والمتعافين والوفيات بشكل مستمر على مدار الساعة, وعقدت الدول والحكومات المؤتمرات الصحفية للمسئولين بشكل دوري تطلق من خلالها خططها لمواجهة ذلك الداء الذي لم يملك له دواء بعد.
  ونحن هنا في بلادنا الغالية الآمنة من أوائل الدول التي أولت تلك الأزمة انتباهها منذ بزوغها فقامت القيادة وبشكل مبكر بإجراءات احترازية هدفها الأول أمن الانسان وسلامته. فمن اليوم الثاني من فبراير الماضي تحركت قطاعات الدولة في اجلاء الطلبة والمواطنين من المدن الصينية والآسيوية أيضاً. كما قامت بإجراءات احترازية استباقية علقت معها دخول المعتمرين والزائرين نهاية فبراير وتوقف لحركة النقل الجوي بشكل متدرج. وفي شهر مارس الماضي ومع تسجيل أول حالة اصابة لمواطن سعودي بمرض الكورونا باليوم  الثاني من الشهر, تعاقبت اعلانات الدولة للعديد من الخطوات الاحترازية القوية والجريئة, ففي اليوم الخامس اعادت تنظيم دخول المصلين للصلاة في الحرمين الشريفين, وفي اليوم التاسع علقت الدراسة في كافة مراحل التعليم بأنواعه, وفي اليوم السادس عشر علقت الحضور لمقرات العمل الحكومي والخاص عدا بعض الاستثناءات, وفي اليوم السابع عشر صدر التوجيهات بعدم شهود الصلوات بالمساجد, وفي اليوم السابع والعشرين فرضت منع التجول في المناطق بشكل عام وفق ضوابط لذلك. وها نحن في شهر مايو ولا زالنا في فترة حظر تجول جزئي وفي بقاء تام بالمنزل. وقد وصلت بعض الأسر في التزامهم بالبقاء بمنازلهم قرابة الشهرين تجاوباً من توجيهات الحكومة التي حرصت على سلامة المواطن والمقيم وشملت حتى مخالفي أنظمة الاقامة.
    إن الكثير منا أشغلته دنياه فيما يسعى عليه من تعليم وتدريب وبحث عن مصدر رزق وسفر وسياحة والتزامات اجتماعية ومؤتمرات ثقافية ورحلات تجارية وغيرها مما يشغل فكر الانسان ذكراً كان ام انثى عن أهم ما يملكه. إنها الأسرة وبيته... لو عرضت عليه قبل جائحة كورونا مقترح أن تبقى في بيتك مع اسرتك اسبوعاً أو أسبوعين دون مغادرة, لكثرت التساؤلات عنده, كيف أجلب لهم قوتهم؟ وكيف أتحمل طلبات الأطفال والكبار؟ كيف أتابع تعليمهم؟ وكيف أستطيع جدولة ساعات ذلك الأسبوع مع أسرة تتكون الزوجة وستة أطفال؟ ماذا أفعل في الصباح الذي اعتدت أقضيه في مكتبي أو سوقي؟ كيف أقضي ليلي الذي جعلته لزملائي ومنتجعي؟ كيف أقرأ كتبي التي اعتدت عليها في المساء؟ كيف امارس رياضتي التي التزمت بها في النادي الصحي كل صباح باكر؟ كيف أقضي نهاية الاسبوع التي ازور فيها أقاربي؟ كيف أتحمل حياتي دون تسوق أو مولات أو سينما أو صالونات؟..  إنه حكم بالسجن مع الأشغال الشاقة!!!!
  الغريب أن كل تلك التكهنات لم تصادفني ابداً كما لم تصادف البعض ممن تواصل معي ونقل لي تجربته مع البقاء بالمنزل. بالفعل لم نصادفها بل اننا نتمنى أنها تمتد أو تتكرر من غير ضرر على الانسانية. لقد تكفلت الدولة المباركة بالكثير من أمورنا وسهلت العديد علينا وعلى غيرنا مع صعوبة الظروف العالمية. ونحن بقينا مع الأسرة فعادت البسمة الغائبة. لزمنا المنزل فصُنا بعض الأعطال التي سوفنا بها سنين رغم بساطتها. جلسنا على موائدنا لأكثر من ثلاثة مرات في اليوم والليلة. تشاركنا الأخبار الجميلة وتذكرنا المواقف الأجمل. أخذنا وقفة تصحيح لمسارنا اليومي البائد الذي أضاع منا روح الأسرة ومودتها تلك التي تعتبر حجر زاوية الوطن وسوره الشامخ. نشطت الذاكرة -أكثر من ذي قبل- بالالتحاق بالبرامج التدريبية والمؤتمرات الالكترونية عبر وسائل التقنية مع تنوع في الاطلاع المعرفي والسلوكي والتطويري. صلوات الجماعة تقام بالمنزل والقرآن والدعاء إلى الله صاعد والرحمة والسلامة إلينا نازلة. برامج ترفيهية ورياضية وثقافية تشاركية بين الأسرة كل ابن أو ابنة تقدم ما تتميز بإتقانه في مختلف المناشط العائلية, أعدنا ترتيب الكثير من أعمال لنا مؤجلة منذ سنوات لم نجد لها الوقت لنقف معها.
   وقفة إدارية.... 
   هذه الأزمة وقعت بعلم العليم الحكيم وجلاؤها قادم بإذن الكريم الرحيم, ولكن علينا أن نستفد من دروسها في اعادة ادارتنا لمنظمة الأسرة. تلك المنظمة التي تتكون من قيادة الأسرة وهما الأب والأم, والأبناء والبنات الذين حولهم تدور عجلة عمليات المنظمة وأهدافها, نفعل دور القيادة بالقدوة في طاعة ولاة الأمر وتنفيذ توجيهاتهم الراشدة, في التعاون مع الجهات المكلفة بتنفيذ الإجراءات الاحترازية الصحية والمبادرة بالعمل التطوعي معهم عند طلبهم. نعيد النظر في ادارة الوقت الذي كنا نهدره في مكاتبنا, نهدره في تصفح الهواتف والصفحات ووسائل التواصل غير الهادفة, نهدره في طرقاتنا, نهدره في سهراتنا, نحرم منه أنفسنا قراءة مخصص يومي من القرآن الكريم أو من الكتاب المفيد, نحرم منه أسرتنا. نراجع مساراتنا التدريبية المهنية والسلوكية بالتنوع الايجابي بتخصيص قائمة برامج عبر شبكات البحث المرئي والمسموع يلتحق بها فريق المنظمة كلاً بحسب مستواه التعليمي وعمره واهتماماته وطموحه.  نخصص للصحة البدنية ساعة للرياضة اليومية داخل المنزل نرفع من خلالها مستوى النشاط الذهني والجسمي للأسرة لتنعم بالصحة والسلامة. نرفع من مستوى الجوانب الذاتية التطويرية في فريق المنظمة من خلال الحوار الهادف والنقاش الشفاف والعمل على تعزيز الأفكار المعتدلة الايجابية وتصحيح الأفكار الخاطئة بهدوء وحزم, نزرع الجميل من القيم في نفوس الأسرة  كالثقة والاتقان.  نقدم لفريق الأسرة دروساً في الوطنية والولاء للقيادة والحب للوطن من الواقع الذي شاهدناه من قيادتنا الحكيمة والرشيدة -خلال هذه الأزمة- وما أنفقته من مليارات الريالات للحفاظ على صحة المواطن في كل بقاع الأرض, نعطيهم المقارنات التي تحدث عنها البعيد قبل القريب والعدو قبل الصديق والمخالف قبل المقيم, والذي أثبتوا بأننا في بلاد الحرمين الشريفين مهبط الإنسانية والعز والسلام.

3مايو2020م
د/ عبدالسلام شايع القحطاني
مستشار اداري وأمني
مدرب معتمد (اداري, مالي, اجتماعي, تطوير ذات)