الأحد، 28 مايو 2017

مقال صحفي بعنوان (من مهددات الأمن)

من مهددات الأمن**

لا ينظر إلى تقدم وطن إلا باستقرار أمنه وطمأنينة ساكنيه. فالأمن نعمة, والخوف نقمة, فلا يحس بالنعمة إلا من أصابته النقمة. الأمن مفردة تدخل في كل مجالات حياتنا, فهو جزءٌ من  البيئة التي تؤثر فينا ونؤثر فيها. فكم من حياة آمنة لم تدم لأهلها، وظهر لهم ما يعكرها.
 وإن معكرات الأمن كثر, تتجدد صورها مع تطور نمط معيشتنا وتعدد ثقافاتنا وتمازج شعوب المعمورة. فهناك الجريمة بأنواعها والانحرافات بأشكالها, ألفت فيها كتب للعامة وظهرت حولها دراسات ومؤتمرات للخاصة, لا يسعنا المقام هنا لنعرج على القليل منها ولكن سنطرق شكلاً منها وهو السرقة.
 فالسرقة جريمة ظهرت مع تزاحم البشرية وتعدد حاجاتها في أي بقعة من العصور القديمة وحتى عصرنا هذا, لها مجالات وأشكال متعددة, فيها المنظمة المدروسة وفيها التلقائية, فيها المستمرة وفيها الموسمية, فيها الفردية وفيها الجماعية. لا أحب أن أخوض فيها بتوسع فنضيع بالقارئ بين السطور, ولكن سأركز على سرقتين تهدد كل فرد منا, ألا وهي سرقة السيارات وسرقة المنازل.
  قبل أن أكتب هذه الكلمات رجعت لبعض المراصد والمواقع والمنتديات الإلكترونية المهتمة بهذا الشأن, فوجدت أن سرقة السيارات والمنازل تزيد يوماً بعد آخر, ولكل سرقة أسبابها ودوافعها, ولعل السبب الأهم يقع على مالك المنزل والسيارة, فنحن نلاحظ على بعض اولئك الملاك عدم التحوط وقلة الحرص على ممتلكاتهم لتبقى آمنة, فيهمل في إغلاق المنزل وفي تأمين مداخله ومخارجه, ويتكاسل في استخدام وسائل التقنية الحديثة في مراقبة منزله وسلامته, كما لا يتوانى في تحريز سيارته أو إغلاقها, بل إن المؤسف والأدهى في الأمر قيام بعضهم بترك سيارته في وضع التشغيل وينزل منها أو يضع مفاتيحه أو مستلزماته الشخصية الثمينة بها ويتركها في المواقف العامة, ثم السبب الثاني يقع على المجتمع المحيط بنا من جيران وأصدقاء فيلحظ ضعف التعاون بينهم على البر, وقلة النصح بينهم عندما يجدون إهمالاً في مالٍ أو انحرافاً في سلوكٍ لأحد أبناء جيرانهم أو أصدقائهم، وإحجام فئة من أفراد المجتمع عن التبليغ عما يخالف النظام العام للجهات الأمنية, ثم السبب الأخير يقع على الجهات الأمنية نفسها التي تأخرت في مواكبة التطور المتزايد والتوسع للأحياء في المدن الكبرى, فظهرت أحياء كثيرة ولم يفتح بها مراكز للشرط أو تغطيها دوريات الأمن الراجلة أو الراكبة, وتدعمها بالأعداد المناسبة من العاملين لتستقبل البلاغات من المبلغين, وتقوم بالبحث عن تلك المطلوبات باحترافية ومهنية عالية.
  أما الحلول التي تساعد في الحد من تلك الظاهرة فمتعددة نذكر منها: زيادة الوعي الأمني للمواطن والوافد من خلال وسائل الإعلام الأمنية الموجهة لتلك الفئات, وتفعيل الحملات التوعوية والاستفادة من الجوامع والمساجد والمدارس والجامعات في عقد ندوات ودروس تثقيفية لسكان الحي بفئاته, وحثهم على التعاون البناء والنصيحة الأخوية فيما بينهم. وأما الجهات الأمنية فعليها تفعيل دور الكاميرات التلفزيونية والتنسيق مع البلديات لإدراجها ضمن المخططات العمرانية للمباني والأحياء السكنية والتجارية, وربطها مع مراكز القيادة والسيطرة فيما يخص تتبع السرقات وفيما يخص إنذار الحرائق والسلامة, والعمل على توزيع المراكز الأمنية بما يتناسب مع عدد المنازل والسكان بالأحياء القائمة وتفعيل دور العمد ومراكز الأحياء, وكذلك التنسيق مع وكلاء السيارات من خلال وزارة التجارة والصناعة لإلزامهم بتركيب شرائح تتبع للمركبات داخل جسم محرك السيارات الجديدة, ووضع آلية مناسبة وغير مكلفة لتركيب تلك الشرائح للسيارات القديمة.
  سائلنا الله أن يديم على بلادنا الأمن والأمان والرخاء والسكينة.

المستشار الإداري والأمني

الدكتور/عبدالسلام النهاري

 **نشر بصحيفة العرين الالكترونية بتاريخ 6 مارس 2015م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق