العرين**
كلمة كبرت معنا منذ عقود
من الزمن, مساحة من الأرض أحببناها وعشقناها منذ الصغر, لا نلام فهي الحياة
والوطن. اسم ارتبط بالتميز على مستوى منطقة عسير في الأنشطة العلمية والرياضية
والكشفية والمعسكرات والمحافل الطلابية والاجتماعية فحاز أبناؤه وبناته الشهادات
والمراتب المتقدمة رغم التنافس الشريف والمشرف لمن يشارك العرين في تلك الأنشطة. العرين
كان التعاون والنصرة للحق والمظلوم، سواء بالشرع أو بالعرف القبلي المحمود
والمتوافق مع الدين, العرين كان البر بالضعيف والعون للمحتاج والدليل للضال وغيرها
من صور التكافل الاجتماعي , نعم كان العرين مجتمعًا متحابًا متكاتفًا، نظرته للعلياء
وهدفه السمو وغايته التميز.
ليس ما قدمت من صيغة الماضي لبعض مزايا العرين
لأقول ذهبت وصرنا نذكرها ونبكيها على الأطلال, لا ليس كذلك. فالعرين برجاله ماضون
على ما رسمه الآباء وتربى عليه الأبناء الأوفياء, لا يتجاهلون موجهًا لهم إلى خير
أو دالًاٍ لهم على فضيلة, ولكن من يزر العرين يستشعر شكوى ويسمع همسات عتاب من تلك
البلدة عن جفاء بعض أبنائها كالدعاة والمثقفين والإعلاميين ورجال الأعمال وكبار
الموظفين والأكاديميين والأطباء والمهندسين وغيرهم ممن نهجوا طريق الفلاح فأشيد لهم
بالنجاح في شتى المجالات. فيلحظ الجميع كيف أن العرين التاريخ يندثر والعرين
الحضارة تنسى والعرين الجغرافيا تتفتت والعرين الثقافة تمحى والعرين الإنسان يتغير.
كل ذلك أصاب العرين في مقتله. فالهجران من الأبناء لبلدتهم التي يحملون عنها الكثير
بين طيات ذكرياتهم المشرقة دليل وخير شاهد على الجفاء. لا نقلل من حق من حملوا
لواء الذود عن تنمية هذه البلدة العامرة بهم في وطننا الغالي, فقد أحيوا مزارعها وعمروا
حصونها وأناروا شوارعها وأحيوا جوامعها وتزاحموا في مدارسها ,فلهم منا جميعاً الشكر
والدعاء بالسداد.
ما نطالب به أبناء العرين بشتى تخصصاتهم هو
العمل على بذل الوسع في مد يد الجميل لبلد المعروف. فنطلب من الدعاة إقامة
المحاضرات واللقاءات الدعوية واستضافة دعاة الوسطية ذوي القبول لدى العامة والشباب
لنصحهم وتعزيز غرس القيم الحميدة والسلوك الفاضل بينهم, ومن المثقفين والإعلاميين نطلب
منهم جلب الإعلام المحافظ والهادف لهذا المكان والوقوف على احتياجاته, وعقد
الندوات وتوثيق المعالم السياحية والتاريخية والثقافية لاستمرار العرين واسمه
عالياً, والأكاديميين نطلب منهم عقد البرامج التدريبية والتوعوية والتثقيفية
والمراكز الموسمية للنهوض بمعارف ومهارات أبنائه وبناته, والعمل على تأسيس جائزة
علمية باسم العرين تمنح لكل متميز من أبنائه في شتى المجالات التي نعايشها وتنطلق
من حيث انتهى إليه الآخرون, وبشكل علمي يحرص فيه على رفع مستوى التنافس الشريف بين
أبناء العرين وبناته لنصنع منهم نجوماً يشار لها بالبنان على مستوى وطننا الكبير. والموظفين
بالوزارات من أبناء العرين دورهم داعم لبلدتهم - دون تقصير في الدور المنوط بهم في
المناطق الأخرى- للسعي في توجيه اللجان وفي تسهيل مقابلة أعيان العرين للمسئولين
وتعريفهم بالخطوات والإجراءات الإدارية التي تساعدهم في إيصال مطالبهم لولاة الأمر
يحفظهم الله, مع التركيز على المشاريع التنموية والاجتماعية والاقتصادية, وأما
الأطباء فعليهم دور كبير في خدمة العرين وليكونوا لهم قدوة حسنة كمن سبقهم من أبناء
المناطق الأخرى الذين خصصوا لمسقط رؤوسهم يوماً لعمل الكشوفات الصحية والعمليات
الجراحية المستعجلة والمجانية في المستشفيات الخاصة التي يتعاقدون معها, والمهندسون
عليهم دور في عمل المخططات المعمارية والمدنية والإشراف الهندسي وتقديم الاستشارات
الهندسية لأبناء بلدتهم, وأما رجال الأعمال فالدور عليهم مضاعف ومنهم من يسجل لهم
حضور مستمر طوال السنوات الماضية في دعم برامج العرين وأنشطته، ولا ينكر دورهم أحد,
إلا أننا نريد منهم المزيد مع تشجيع استثماراتهم وتوجيهها على الشوارع الرئيسة
بالعرين لمواكبة التنمية التي تنادي بها حكومتنا الرشيدة. وأن يشكل لتلك الأنشطة
لجنة أهلية تؤسس ضمن اللجان المحلية التابعة للعرين وتضم عدداً من نخب العرين
الشابة في تلك المجالات السابقة لتشجع وتدعم وتدعو وتواصل أعمالها البناءة للعرين,
كل هذه الخدمات نأمل أن تقدم لقاطنين العرين تشجيعاً للتنمية, ودعوةً للبقاء في
العرين حاضرة لمنطقتنا الغالية, وجوهرة براقة في شرقنا الحبيب, وقدوة لغيرنا في
تنمية كل أجزاء وطننا الشامخ... فهلموا يا شباب الوطن في جميع المناطق والمحافظات إلى
الاهتمام بمراتع الآباء والاجداد وجهوا لها التنمية والتطوير وحققوا رؤية القيادة
الحكيمة التي تنادي بالهجرة العكسية للقرى والارياف.
د/عبدالسلام النهاري
مستشار إداري وأمني
** نشر في صحيفة
العرين الالكترونية بتاريخ 19 فبراير 2015م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق